ما هي التحديات التي تواجه رواد الأعمال؟

تأتي ريادة الأعمال بمجموعة من التحديات؛ تحديات مجزية لكنها قاسية ومع ذلك يتعين على رواد الأعمال المتمرسين التعامل معها بغض النظر عن المدة التي قضوها في العمل. فإن محاولة إنشاء علامةٍ تجارية والتكيف مع المنافسة أو تجاوزها والحفاظ على عملك مربحاً بنفس الوقت يمثل تحدياً لرواد الأعمال مهما كان عدد السنوات التي أمضيتها في مجال ريادة الأعمال. لكن بالنسبة إلى رواد الأعمال الجدد والشباب هناك بعض التحديات الفريدة التي يصعب التغلب عليها بشكلٍ خاص.

إذا كنت في بدايات خوضك في هذا مجال ريادة الأعمال أو كنت تفكر في أن تصبح رائد أعمال فاستعد لهذه المخاطر:

 

 

تحديات رواد الأعمال: ترك وظيفة أخرى

إذا كنت ستكرس نفسك لدخول عالم ريادة الأعمال وإطلاق ورعاية شركة ناشئة حتى النجاح، فسيكون من المستحيل تقريباً إدارة مسار مهني آخر في نفس الوقت. فقد تكون قادراً على إدارة بدايات شركتك بشكلٍ ثانوي، وخلال ليالي الأسبوع وعطلات نهاية الأسبوع مثلاً، ولكن إذا كنت تريد فرصة حقيقيةً للنمو في مجال ريادة الأعمال فستضطر بالتأكيد إلى إيقاف عملك اليومي. إن ترك فرصة طويلة الأمد وواعدة وثابتة لأجل شيء فيه مخاطر لا يمكن التنبؤ بها أمرٌ مخيف - خاصةً إذا لم يسبق لك أن أدرت شركة. ولسوء الحظ لا توجد طريقة سهلة لمعالجة ذلك كل ما يمكن قوله: فكر في قرارك بطريقةٍ منطقية ولا تتجاهل حدسك.

 

 

تحديات رواد الأعمال: التمويل

ليس سهلاً على رواد الأعمال ذوي الخبرة تمويل المشاريع التجارية جديدة، لكن لديهم بعض المزايا مقارنةً بحديثي العهد، فقد يكون لديهم رأس مال ثابت من شركة قاموا ببيعها مسبقاً أو تدفق مستمر من الإيرادات يمكنهم استخدامه لتمويل نشاطٍ تجاري جديد. حتى لو كان نشاطهم التجاري الأول قد انهار، فمن المحتمل أن يكونوا قد حصلوا على معارف في مجال الاستثمار وعملاء بما يكفي لمنحهم دفعة أولى في مشروعهم الجديد.
وبصفتك رائد أعمال جديد ستبدأ من نقطة الصفر ما يعني أنك ستحتاج إلى بناء علاقات وشبكات تواصل في مجال ريادة الأعمال بسرعة مجنونة وستحتاج إلى التفكير في جميع خيارات التمويل الممكنة قبل اختيار إحداها.

 

 

تحديات رواد الأعمال: التقلبات المالية

منذ انهيار السوق في عام 2008، غُمرت البنوك المركزية في العالم الأسواق بالمال بتساهل كمي غير مسبوق. وتسببت هذه السياسة -وفقًاً لبعض النقاد- بفقاعة نمو صناعي، وبمجرد توقف الأموال الرخيصة عن التدفق -هي قرض أو ائتمان بسعر فائدة منخفض أو تحديد أسعار فائدة منخفضة من قبل بنك مركزي مثل: الاحتياطي الفيدرالي. والأموال الرخيصة جيدة للمقترضين، ولكنها سيئة للمستثمرين الذين سوف يشاهدون نفس أسعار الفائدة المنخفضة على الاستثمارات مثل: حسابات الإدخار وصناديق أسواق المال والأقراص المدمجة والسندات- فقد تتوقف المبيعات بدورها.

ويجب أن تؤدي وفرة المال في السوق إلى ارتفاع الأسعار بشكلٍ عام، إذ يوجد المزيد من المال لشراء نفس العدد من البضائع. رغم أن هذا لم يحدث حتى الآن (على الرغم من تريليونات الدولارات الجديدة)، إلا أنها مسألة وقت فقط. ماذا يحدث عندما يتوقف التساهل الكمي -التساهل الكمي يعني إدخال أموال جديدة في المعروض النقدي من قبل البنك المركزي-؟ عندما يصل التضخم إلى أسعار الموردين، هل ستكون الهوامش الربحية كافية بدرجة تسمح لمواجهة ذلك؟ هل سيشتري الناس المنتج عند عدم توافر أموال رخيصة؟ نظراً لأنه من المستحيل معرفة أين سيضرب التضخم ضربته، فمن المهم أن تسعى الشركة الناشئة للتوسع وإلا تكون الشركة الناشئة مفرطة في التوسع، ولا سيما في عام 2020. يجب أن تكون الأعمال المزدهرة على استعداد لتخفيض الإنتاج دون الانهيار تماماً بالضبط كاستعدادها لزيادة الإنتاج.

 

 

تحديات رواد الأعمال: تشكيل فريق العمل

هذا أمرٌ صعب على رائد الأعمال بشكلٍ خاص إذا لم يسبق لك أن أدرت أو قُدت فريقاً من قبل، ولكن حتى لو كان لديك خبرة إدارية فإن اختيار الفريق المناسب لشركة ناشئة أمرٌ مرهقٌ وصعب. فلا يكفي العثور على المرشحين المناسبين لأدوار معينة؛ بل يجب عليك أيضاً التفكير في كلفة توظيفهم وتناسب ثقافاتهم وكيفية عملهم كجزء من فريقك. كل هذه الاعتبارات تكون صعبة للغاية عندما تكون تحت ضغط الحاجة إلى ملء تلك المراكز في أقرب وقت ممكن.

 

 

تحديات رواد الأعمال: التفكير الإبداعي

يتوقع منك كرائد أعمال يؤسس لشركة ناشئة أن تأتي بالأفكار المبتكرة، فعندما يظهر منافس مثلاً سيكون وضع خطة استجابة من مسؤولياتك. وعندما يواجه فريقك عقبة لا يمكن تجاوزها ستكون مهمتك هي وضع خطة بديلة للمضي قُدماً. وتتطلب ريادة الاعمال التفكير الإبداعي الريادي وهي كلمة تناقض ذاتها في الأحوال الطبيعية إذ لا يمكن أن يأتي الإبداع بشكلٍ فوري، ولكن نادراً ما يتمتع رواد الأعمال برفاهية الوقت. وكلما قلت خبرتك زاد الضغط الذي تشعر به وازدادت صعوبة ابتكار خطط مقبولة.

 

 

تحديات رواد الأعمال: التعامل مع المجهول

سأل نفسك؛ كم من الزمن ستبقى شركتك الناشئة قائمة؟ كم ستربح من شركتك الناشئة؟ هل يحب العملاء منتجك؟ هل ستكون قادراً على إعطاء نفسك راتباً ثابتاً؟ لا تمتلك هذه الأسئلة إجابات صحيحة وموثوقاً بها، حتى في حالة الشركات الناشئة القائمة على أفكارٍ مبتكرة ومع كل الموارد التي ستحتاجها تلك الشركات الناشئة نظرياً. فهذا العامل غير المعروف سيؤدي إلى انخفاض استقرار عملك وستظل العديد من خططك طويلة الأمد في حالة تغير عند ظهور تطورات جديدة. حيث يعد التعامل مع هذا التقلب أحد أصعب أجزاء الانضمام إلى عالم ريادة الأعمال.

 

 

تحديات رواد الأعمال: العزلة

إنها مشكلة نادراً ما تُذكر في مجال ريادة الأعمال والعديد من رواد الأعمال الجدد ليسوا مستعدين لمواجهتها. فأن تكون رائد أعمال يعني انعزالك؛ حيث ستبقى بمفردك، لذا لن تحتاج لزملاء في الفريق تعتمد عليهم (تماماً)، وستعمل ساعاتٍ طويلة لذلك لن ترى عائلتك كثيراً، وسيضطر موظفوك للبقاء بعيدين عنك نوعاً ما.

 

 

تحديات رواد الأعمال: فرض القوانين

سيظل من الممتع أن تكون الرئيس حتى تضطر إلى فرض شيء ما. عاجلاً أم آجلاً يجب عليك التوصل إلى فرض القواعد التي تنتهجها شركتك، بدءاً من عدد أيام العطلة التي يحصل عليها العاملون في شركتك الناشئة إلى البروتوكول المناسب عند تقديم شكوى بشأن زميل في العمل، فليس من السهل إنشاء هذه التفاصيل، والتفكير بها ليس عملاً فكرياً ممتعاً، ولكنها ضرورية لكل نشاطٍ تجاري.

 

 

تحديات رواد الأعمال: صنع القرار

صدق أو لا تصدق قد يكون هذا هو التحدي الأكثر إرهاقاً لرواد الأعمال في هذه القائمة. إذ يضطر رواد الأعمال الجدد إلى اتخاذ مئات القرارات يومياً، بدءً من القرارات الكبيرة التي تؤثر على الشركة ككل وحتى القرارات الصغيرة التي تؤثر بشكل لحظي. فالإرهاق الناتج عن صنع القرار ظاهرة حقيقية وسيواجهها معظم رواد الأعمال الجدد إذا لم يكونوا مستعدين لمستوى التوتر الجديد عليهم.

 

 

تحديات رواد الأعمال: العولمة وزيادة الفعالية

تقوم الشركات بالفعل بتصدير الكثير من عمليات الإنتاج التي كانت تتم في الولايات المتحدة. وستصبح الصين والهند أكثر تقدماً وأكثر إنتاجية وستتبعهما الدول الأخرى. يعزز هذا الاتجاه ظهور شركات ناشئة مثل Uber، وتسهيل المشاركة الفعالة للموارد الموجودة مسبقاً. وسوف تستمر الحاجة إلى الإنتاج بالانخفاض بينما تستمر الابتكارات في جعل الإنتاج أكثر كفاءةً. مع الأخذ في الاعتبار ظهور تكنولوجيا المعلومات المتقدمة والحوسبة السحابية العالمية، فلن يتطلب الأمر كثيراً من الاستثمار المسبق (الدفع المقدم) لإطلاق أعمال تجارية في عالم ريادة الأعمال.

يعني ذلك بالنسبة لرواد الأعمال زيادةً في المنافسة وأيضاً هوامش ربح أضيق. وعلى وجه الخصوص: سيتضرر التصنيع -الذي يعاني أصلاً في أمريكا- بشدة، وستعاني تلك الشركات التي استثمرت في الممتلكات المادية، مثل الآلات. ولكن هناك جانب مشرق؛ إذ ستكون الشركات قادرةً على الاستفادة من هذه الاستثمارات ذاتها من خلال تأجيرها للمنافسين -وهو نموذج أعمال مختلف تماماً عن الطريقة التقليدية (املك لتستخدم) التي يمكن أن يفكر بها مديرو الأعمال، ولكن قد يكون المستقبل جيداً. إن الاستخدام المحسن للموارد المحدودة في الاقتصاد التشاركي سيزيد بشكلٍ كبير من تكلفة امتلاك العقارات الخاملة. ولن تضطر للدفع بعد الآن بهدف احتكار الأصول.

 

 

تحديات رواد الأعمال: الابتكارات التكنولوجية

جعلت الابتكارات في مجال التكنولوجيا دورة حياة المنتج أقصر فأقصر، الأمر الذي يدمر قانون مور بشكلٍ فعال. وفي مثل هذا المشهد التكنولوجي سريع التغير فإن أي بنية تحتية تجارية حديثة قد تصبح قريباً قديمةً بشكل ميؤوس منه وتصير عبئاً مادياً. بدأ هذا بالفعل بإضرار مطوري المنصات، حيث تكافح منصة أندرويد التابعة لجوجل مع تجزئة متزايدة تهدد "النظام البيئي" بأكمله. وعلى النقيض من ذلك فإن إستراتيجية شركة أبل المغلقة ذات الجهاز الواحد قد خدمتها بشكلٍ جيد حتى الآن، لكن تركيزها على الشريحة النخبوية قد يضر بالمبيعات في البلدان النامية.

 

وفي الوقت نفسه تهدف استراتيجية Microsoft Windows 10 إلى جعل Windows نظاماً أساسياً مشتركاً لأجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية والهواتف وحتى أجهزة الألعاب. الخدمات الأساسية متوفرة على جميع المنصات. إن الاستثمار في الخدمات العاملة على منصة وحيدة هذه الأيام لن يؤدي إلا إلى زيادة كلفة الوقوع في حالة الشك. ويمكن للشركات توفير المال وزيادة المرونة من خلال تصدير العمل على العتاد الصلب (Hardware) للموظفين مع الاعتماد على الخدمات متعددة المنصات (Cross-platform) والحوسبة السحابية (Cloud Computing) لإنجاز المهمة.

 

وسط كل هذا الغموض الذي يكتنف المشهد الاقتصادي لعام 2020، يبقى شيء واحد واضحاً: سيواجه رواد الأعمال تكاليف باهظة إذا استمروا في ممارسة ريادة الأعمال كالمعتاد. ولكي تتصدر الشركات الناشئة، يجب عليها أن تدرس وتستعد للنتائج الجيدة والسيئة والقبيحة للقرارات. كما قال لويس باستور: "الفرصة تأتي للعقل المستعد". وتنطبق المقولة على الشركات الناشئة المستعدة كذلك.

وإذا تمكنت من تجاوز هذه العقبات الرئيسية، فستكون في طريقك لتصبح رائد أعمال ناجحاً. هذا لا يعني أن هذه العقبات لن تستمر في اعتراض طريقك على مر السنين أو أن التحديات الجديدة والمتنوعة في عالم ريادة الأعمال لن تنشأ لتحل محل السابقة، لكنك ستكون مستعداً في تلك الأشهر القليلة الأولى الأكثر تقلباً وتأثيراً، وهذا يضعك في صدارة المنافسة في عالم ريادة الأعمال.